سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}
{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ} الضمير لأهل القرى والمعنى وجدناهم ناقضين للعهود {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لاَّ أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق} من قرأ عليّ بالتشديد على أنها ياء المتكلم فالمعنى ظاهر، وهو أن أنه خبر حقيق، وحقيق مبتدأ أو بالعكس ومن قرأ على بالتخفيف فموضع أن لا أقول خفض بحرف الجر، وحقيق صفة لرسول، وفي المعنى على هذا وجهان، أحدهما: أن على بمعنى الباء فمعنى الكلام: رسول حقيق بأن لا أقول على الله إلا بالحق، والثاني: أن معنى حقيق حريص ولذلك تعدّى بعلى {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} أي بمعجزة تدل على صدقي؛ وهي العصا أو جنس المعجزات {فَأَرْسِلْ مَعِيَ بني إِسْرَائِيلَ} أي خلهم يذهبوا معي إلى الأرض المقدسة موطن آبائهم، وذلك أنه لما توفي يوسف عليه السلام غلب فرعون على بني إسرائيل واستعبدهم حتى أنقذهم الله على يد موسى، وكان بين اليوم الذي دخل فيه يوسف عليه السلام غلب فرعون على بني إسرائيل واستبعدهم حتى أنقذهم الله على يد موسى، وكان بين اليوم الذي دخل فيه يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام.


{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110)}
{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَآءُ} وكان موسى عليه السلام شديد الأدمة فأظهر يده لفرعون ثم أدخلها في جيبه، ثم أخرجها وهي بيضاء شديدة البياض كاللبن أو أشدّ بياضاً، وقيل: إنها كانت منيرة شفافة كالشمس، وكانت ترجع بعد ذلك إلى لون بدنه {للناظرين} مبالغة في وصف يده بالبياض، وكان الناس يجتمعون للنظر إليها، والتعجب منها {قَالَ الملأ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لساحر عَلِيمٌ} حكي هذا الكلام هنا عن الملأ وفي الشعراء عن فرعون، كأنه قاله هو وهم، أو قاله هو ووافقوه عليه، كعادة جلساء الملوك في أتباعهم لما يقول الملك {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ} أي يخرجكم منها بالقتال أو بالحيل، وقيل: المراد إخراج بني إسرائيل، وكانوا خدّاماً لهم فتخرب الأرض بخروج الخدام والعمار منها {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} من قول الملأ أو من قول فرعون، وهو من معنى المؤامرة أي المشاورة، أو من الأمر وهو ضدّ النهي.


{قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)}
{أَرْجِهْ} من قرأه بالهمزة فهو من أرجأت الرجل إذا أخرته، فمعناه أهرهما حتى ننظر في أمرهما، وقيل: المراد بالإرجاء هنا السجن، ومن قرأ بغير همز فتحتمل أن تكون بمعنى المهموز وسهلت الهمزة، أو يكون بمعنى الرجاء أي أطعمه، وأما ضم الهاء وكسرها فلغتان، وأما إسكانها فلعله أجرى فيها الوصل مجرى الوقف {حَاشِرِينَ} يعني الشرطة أي جامعين للسحرة {وَجَآءَ السحرة فِرْعَوْنَ} قيل: هنا محذوف يدل عليه سياق الكلام وهو أنه بعث إلى السحرة {إِنَّ لَنَا لأَجْراً} من قرأه بهمزتين أإن فهو استفهام ومن قرأه بهمزة واحدة فيحتمل أن يكون خبراً أو استفهاماً حذفت منه الهمزة، والأجر هنا: الأجرة، طلبوها من فرعون إن غلبوا موسى، فأنعم لهم فرعون بها وزادهم التقريب منه والجاه عنده {وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} عطف على معنى نعم كأنه قال نعطيكم أجراً ونقربكم، واختلف في عدد السحرة اختلافاً متبايناً من سبعين رجلاً إلى سبعين ألفاً وكل ذلك لا أصل له في صحة النقل {إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ نَحْنُ الملقين} خيروا موسى بين أن يبدأ بالإلقاء أو يبدأوا هم بإلقاء سحرهم، فأمرهم أن يلقوا، وانظر كيف عبروا عن إلقاء المتمكنون فيه {واسترهبوهم} أي خوفوهم بما أظهروا لهم من أعمال السحر.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12